السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرق بين القصة والرواية
القصة
عمل قصصي لا يتجاوز بضع صفحات تتضمن عادة حدثاً واحداً وشخصيات قليلة
ويمكن قراءة أغلبها في جلسة واحدة . وتعد القصة القصيرة واحدة من أقدام
الأشكال الأدبية . فقد كُتبت قديماً منذ نحو 3000 سنة ق.م على هيئة قصص
خيالية قصيرة في مصر . ونَعُد قصص ( ألف ليلة وليلة ) أمثلة أخرى على شكل
القصة القصيرة .
القصة القصيرة في الأدب العربي
وُلدت مع مطلع القرن العشرين متأثرة بالقصة الغربية خاصة قصص الكاتب
الروسي تشيخوف والفرنسي جاي دي موباسان . ورغم ذلك فقد كانت تغلب عليها
المسحة الرومانسية بحكم البداية والنشأة ، إلا أنها بعد ذلك تطورت وأصبحت
تعبيراً فنياً جديداً ومكثفاً عن أحاسيس ومشاعر البسطاء وآمالهم .
ومن كتابها الرواد : محمد تيمور ، محمود تيمور، حسين فوزي ، طاهر لاشين ،
عيسى عبيد ، شحاته عبيد ، حسن محمود ، إبراهيم المصري ، توفيق الحكيم .
وخلال النصف الأول من القرن العشرين ، صدرت عشرات المجموعات القصصية ،
وجذبت القصة القصيرة إليها كتَّاباً كثيرين ، لكنها تنتقل بين الرومانسية
، والواقعية التصويرية ، معتمدة على أسلوب السرد التقليدي ، لكنها حققت
بعد الخمسينات ــ على يد كُتّاب مثل يوسف إدريس ويحيى حقي وزكريا تامر
ومحمد زفزاف تطوّراً ملموساً في تقنيات السرد والحوار والحبكة والبداية ،
واستطاعت القصة أن تنفذ إلى الواقع وتعبر عنه بتركيز شديد ولغة قوية لفتت
إليها الرأي العام ، فأقبل عليها ووجد فيها ضالته التي لم يجدها أحياناً
في الشعر بوصفه ديوان العرب والجنس الأدبي المتربع على عرش الثقافة
والفنون .
استخدم الكُتّاب ــ خاصة جيل الستينات ــ أساليب فنية متقدمة في السرد
القصصي كتيار الشعور واسترجاع الأحداث (الفلاش باك ) والمونولوج ومختلف
الأدوات الفنية بما أتاح للقصة القصيرة التجدد الدائم والقدرة على استيعاب
شتى ألوان التشكيل الفني .
الرواية
قصة خيالية نثرية طويلة ، وهي من أشهر أنواع الأدب النثري . وتُقدم
الروايات قصصاً شائقة تساعد القارئ ، في معظمها ، على التفكير في القضايا
الأخلاقية والاجتماعية أو الفلسفية ، كما يحث بعضها على الإصلاح ، ويهتم
بعضها الآخر بتقديم معلومات عن موضوعات غير مألوفة ، وتكشف جوهر المألوف .
ومن الروايات ما يكون هدفه مجرد الإمتاع والتسلية .
تُغطي الموضوعات التي تناولها الروايات حيّزيّ التجارب الإنسانية والخيال
. فبعض الروايات تصور أشخاصاً وحوادث من واقع الحياة . وكتاب هذه
"الروايات الواقعية" يسعون لتصوير الحياة كما هي ، على حين أن "الرواية
النفسية " تركز على أفكار ومشاعر واحد أو أكثر من شخصياتها . وعلى عكس
الرواية الواقعية ، فإن الرواية الرومانسية تقدّم طوراً مثالية للحياة كما
تستكشف بعض الروايات علماً خيالياً مثل : "قصص الخيال العلمي " التي تصف
أحداثاً مستقبلية أو كواكب أخرى . أما الرواية البوليسية فتعدُّ أشهر
الروايات وأحبها عند بعض القراء .
إن للرواية ــ بوصفها شكلا أدبياً ــ أربع سمات أساسية تميزها عن باقي الأنماط الأدبية هي :
1- شكل أدبي سردي .. يحكيه راوٍ ، وبهذا تختلف عن المسرحية التي تُحكى قصتها من خلال أقوال وأفعال شخصياتها .
2- أطول من القصة القصيرة وتُغطي فترة زمنية أطول وتضم عدداً من الشخصيات أكثر .
3- تكتب في لغة نثرية .
4- عمل قوامه الخيال ، وبذلك تختلف عن التاريخ والسيرة الذاتية اللذين يحكيان عن أحداث وأشخاص حقيقية .
وقد يبني بعض الروائيين أعمالهم على أحداث أو حياة لأشخاص حقيقيين ، لكن
إبداعهم يكمن في إيراد أحداث أو شخصيات لا تمت إلى الحقيقة بصلة . ولذا
فالرواية جزئياً إن لم يكن كلياً ــ من نسج خيال المؤلف .
الرواية في الأدب العربي
تعود نشأة الرواية العربية إلى التأثر المباشر بالرواية الغربية بعد منتصف
القرن التاسع عشر الميلادي . ولا يعني هذا التأثير أن التراث العربي لم
يعرف شكلاً روائياً خاصاً به . فقد كان التراث حافلاً بإرهاصات قصصية ،
تمثلت في حكايات "السمار والسير الشعبية وقصص العذريين " وأضرابهم ،
والقصص الديني والفلسفي .
أما المقامات العربية فذات مقام خاص في بدايات فن القص والرواية في الأدب
العربي . فقد تركت بصمات واضحة في مؤلف المويلحي حديث عيسى بن هشام وفي
مؤلفات غيره من المحدثين الذين اتخذوا من أسلوب المقامة شكلاً فنياً لهم .